الأحد، 21 نوفمبر 2010

اعلام الجغرافيا عند المسلمين

الخوارزمي (ت- 221ه)  نسبه ونشأته:
هو أبو عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي أحد مشاهير علماء المسلمين قي الرياضيات والجغرافيا والفلك، عمل تحت رعاية المأمون الخليفة العباسي الذي عرف بتشجيعه للعلم والعلماء. وقد توفي سنة 221هـ835 م
أهم أعماله وشهرته: الخوارزمي شخصية عالمية الشهرة. ولعل من أهم دعائم شهرته بوجه خاص كتابه المعروف باسم "كتاب المختصر في حساب الجبر والمقابلة" ولقد شارك الخوارزمي في التجارب العلمية التي كانت تتبناها دار "الحكمة" ومنها ذلك البحث الخاص بقياس محيط الكرة الأرضية والذي ساهم قي إجرائه فريق من العلماء المسلمين.
ومن أعماله الجغرافية التي ذاعت شهرتها كتاب "صورة الأرض" حيث تكثر فيه الجداول الفلكية التي رتَّب فيها أسماء الظواهر البشرية والطبيعية المختلفة (مثل المدن والجبال والبحار والجزر و الأنهار).
اعتمد الخوارزمي على ظاهرة فلكية مهمة هي درجات العرض في تقسيمه للعالم إلى سبعة أقاليم. لقد بينت إحدى خرائطه مجرى نهر النيل الذي يتضح من فحصها أن مجرى ذلك النهر كان معروفاً للجغرافيين المسلمين في ذلك العصر.
وأما خريطته لبحر أزوف (Azof) البحر الأسود الحالي فقد كانت فريدة من نوعها واختلفت عن الخرائط الأخرى التي جاءت قبلها في أنها تظهر الشمال في الجزء الأعلى من الخريطة كما هو سائد حالياً. ولقد استفاد الغرب من مادة كتابه "صورة الأرض" وخاصة الجزء المتعلق بخطوط الطول ودوائر العرض وذلك بطريق غير مباشر فيما بعد عندما استخدمها الزرقالي في "جداول طليطلة" التي كتبها في القرن الحادي عشر الميلادي وتم ترجمتها إلى اللاتينية بعد ذلك فاستخدمها الغربيون. اليعقوبي (ت - 298هـ)  نسبه و نشأته
هو أبو العباس أحمد اليعقوبي. ولد في بغداد، ولكنه تركها وهو حدث السن ليعيش في أرمينيا ثم خراسان ومصر. وقد توفي سنة 298هـ الموافق 891 م على الأرجح.
أعماله الجغرافية:  زار اليعقوبي كثيراً من البلدان منها أرمينيا وخراسان والهند وفلسطين ومصر وبلاد المغرب وغيرها.
يعتبر كتاب اليعقوبي
"كتاب البلدان" من أهم المخطوطات التي لا تزال موجودة حتى وقتنا الحاضر، وهذه المخطوطة موجودة حالياً في "ميونيخ" بألمانيا الغربية. ولقد نشر اليعقوبي كتابه سنة 298هـ (1 89 م)، أي قبل مماته بقليل. والمعلومات التي تضمنها هذا الكتاب جاءت نتيجة لمشاهدات وخبرات كاتبه بالإِضافة إلى ما جمعه من أخبار ومعارف من أفواه وكتب أهل العلم والدراية ومن المسافرين والتجار. وكان أسلوب اليعقوبي وصفياً سلساً شيقاً في عرض المعلومات يميل إلى التحليل العقلي والمنطقي وقد قسَّم المنطقة التي غطاها كتابه إلى أربعة أقسام حسب تقسيم الجهات الأصلية، الشرق والغرب والقبلة (الجنوب أو مطلع سهيل) والشمال (وهو كرسي بنات نعش). ويعتبر اليعقوبي مجدداً في تقسيمه المناطق التي وضعها على أساس الولايات، بالإِضافة إلى ذلك فإنه قد سجَّل معلومات قيِّمة عن طرق المواصلات في عصره جلبت انتباه واهتمام الكثيرين. ولكن مما يأخذه البعض عليه في كتابه أنه خصَّص جزءاً كبيراً منه لوصف كل من بغداد و سامراء شغل حوالي ربع حجم الكتاب تقريباً. ولكن ذلك لا يعتبر في نظرنا عيباً، وخاصة إذا ما علمنا أن ذلك الرجل قد ولد في بغداد وعرف الكثير عن العراق وكان من السهل أن يكتب عن مسقط رأسه الشيء الكثير. الهمداني (280 هـ ــ 334هـ) نسبه ونشأته:
هو أبو محمد الحسن بن أحمد الهمداني، يمني الأصل والمولد والنشأة، اهتم في صباه بدراسة الأدب القديم في بلاد اليمن وجنوب الجزيرة العربية.
توفي الهمداني سنة 334هـ (945م) وهو نزيل أحد سجون صنعاء، لقد كان ذلك العالم الجليل شخصية فذة وشعلة مِن النشاط والذكاء والحماس امتاز بمقدرة عالية على الملاحظة تناولت علوماً شتى كالتاريخ والجغرافيا والفلك وعلم أنساب العرب وتاريخ الجزيرة العربية وآثارها القديمة ولقد استطاع أن يفك رموز كتابات عربية قديمة وجدت في جنوب الجزيرة.
أعماله الجغرافية: يعتبر الهمداني من أحسن الذين كتبوا وأجادوا في الجغرافيا الإِقليمية، وكتابه "صفة جزيرة العرب" يعتبر فريداً من نوعه في هذا المضمار. فقد أجاد
في وصف جزيرة العرب واعتمد في وصفه لبلاد اليمن على ملاحظاته الشخصية. أمّا وصفه لجزيرة العرب فإنه يعتمدها الدرجة الأولى على الرحاّلة والتجار والحجاج الذاهبين إلى مكة والعائدين منها.
بدأ الهمداني كتابه بتمهيد رياضي جغرافي شرح فيه الطرق المختلفة لتحديد خطوط الطول ودوائر العرض، وبعد ذلك قسَّم العالم إلى سبعة أقاليم على غرار التقسيم الذي اتبعه بطليموس. ثم كرَّس الجزء الأساسي من كتابه لوصف الجزيرة العربية، وقسمها إلى خمسة أقاليم منها: نجد وتهامة والحجاز واليمن وتناول كلاً منها بالشرح والتحليل. ولا يزال كتاب الهمداني حتى هذه اللحظة يحتفظ بقيمته العلمية، وقلما نرى أي كاتب يرغب في كتابة في الوقت الحاضر عن جزيرة العرب ولا يرجع إلى هذا الكتاب لتوسيع أفق مداركه عن هذه البقعة من العالم. البيروني (363هـ ــ 0 44هـ)  نسبه ونشأته:
ولد محمد بن أحمد البيروني في بيرون، (إحدى ضواحي خوارزم) عام 363هـ، الموافق 973م. وعرف باسمه الأخير هذا نسبة إلى الضاحية التي ولد فيها. نشأ هذا العالم في خوارزم وبالرغم من أنه أجاد استعمال اللغة العربية كتابةً وقراءة إلا أن لغته الأصلية كانت الفارسية. كما أجاد الخوارزمية والهندية والسريانية واليونانية.
ومن صفات البيروني أنه كان موضوعياً في دراساته وآرائه، أي أنه كان يميل إلى تفسير الظواهر التي يعالجها بطريقة علمية. أما بالنسبة لأسلوبه في الكتابة فإنه لم يكن سلساً. ولقد اعتقد البيروني بأن اللغة العرِبية جديرة بأن تكون لغة العلم. ولم يكن البيروني جغرافياً فقط بل كان أديباً ومؤرخاً وعالماً بالصيدلة والفلك والرياضيات، وكان كثير الترحال طلباً للعلم حتى نعت بين أهله بالغريب. أعماله الجغرافية: ومن أشهر ما كتب البيروني في الجغرافيا "علم البحار" وجاء ذلك في أحد مصنفاته "القانون المسعودي" ولم يكن البيروني أول من كتب عن هذا الموضوع، ولكن أسلوبه وطريقة عرض المعلومات ودقتها قد فاقت كل من سبقه.
تمكن البيروني من الاستفادة من المعلومات التي جمعها الجغرافيون المسلمون والذين أشار بعضهم إلى وجود مناطق في إفريقيا تقع جنوبي خط الإِستواء. وبناء على ما جمع من معلومات أكد البيروني أن تلك المناطق يكون فيها الوقت شتاء عندما يكون لدينا الوقت صيفا. ومثل هذا التأكد يمكن أن يتخذ كأساس للاكتشاف العلمي الذي جاء مؤخراً والذي أثبت فكرة حدوث الفصول الأربعة نتيجة لميل المحور القطبي بمقدار 23.5 درجة على سطح الدوران وكذلك دوران الأرض حول الشمس.  ومما يعرف عنه أنه كتب عن بحر البلطيق، والبحر الأبيض الشمالي وكتب عن النورمان سكان شبه جزيرة اسكندنافيا في تلك الفترة من الزمن. وذكر في إحدى كتاباته أنه سمع عن قصة ملاّح أبحر شمالاً في المحيط الأطلسي إلى أن وصل إلى منطقة لا تغرب شمسها وهذا يعني أن ذلك الملاح قد دخل في نطاق الدائرة القطبية خلال فترة من صيف نصف الكرة الشمالي. وهناك مسائل كثيرة واقعة في دائرة علم الجغرافيا طرقها البيروني وتناولها بالشرح والتحليل، مثل فكرة دوران الأرض حول محورها وكذلك أجاد في كتابته عن الجغرافيا الرياضية حيث أتى بتحليل مفصل لآرائه بخصوص الخرائط، والتي عندما اطلع عليها بعض العلماء المعاصرين دفعت بأحدهم إلى الاعتراف بأن البيروني قد جمع إلى سعة العلم خيالاً خصباً.
ومن أهم مؤلفات البيروني الجغرافية كتابه المعروف باسم "تحديد نهاية الأماكن لتصحيح مسافات المساكن"، وهناك كتاب آخر هو"التفهيم لأوائل صناعة التنجيم". وهو كتاب جامع لعدد من العلوم المهمة كالرياضيات والفلك والجغرافيا. وقد خصص الجزء الثالث منه للفلك وضمنه معلومات جغرافية مهمة عن خطوط الطول ودوائر العرض وتوزيع البحار على الأرض موضحاً على خريطة للعالم المعروف آنذاك. البكري (432هـ ــ 487هـ)  نسبــه ونشأتــه: هو أبو عبيد عبد الله البكري الذي ينسب إلى بكر بن وائل. ولد في الأندلس سنة 432هـ. كان جده وأبو أميرين على مدينتي ولبه وشلطيش الواقعتين غربي إشبيلية على ساحل المحيط الأطلسي بالأندلس. وقد ترك أبوه إمارته عندما وقعت تلك الإِمارة في أيدي العباديين أمراء إشبيلية، ونزل مع أسرته قرطبة التي حافظت علِى مركزها وأهميتها بعد سقوط الأمويين. كانت قرطبة آنذاك مركزاً ثقافياَ ممتازاً وملاذاً لأمراء الأقاليم الذين كانوا يفقدون إماراتهم وسلطانهم.. وفي ذلك المركز الثقافي المهم واصل البكري دراسته وانتسب إلى تلك المدينة لدرجة أنه عرف فيما بعد باسم "القرطبي" وأصبح في يوم من الأيام وزيراً لأحد الأمراء وقد قام بمهمة دبلوماسية لدى أمراء إشبيلية. أعماله الجغرافية: يعتبر البكري أعظم جغرافي أخرجته بلاد الأندلس قاطبة. وقد أضاف إلى المصنفات الإسلامية العربية كتابين هامين: الأول وهو كتاب "المسالك والممالك" ثم الذي تناول وصف طرق المواصلات، وبلاد العالم الإِسلامي المختلفة. ولاشك أن هذا الكتاب قد ظهر في صورة ممتازة. ولقد فُقِدت أجزاء من هذا الكتاب، وأما الأجزاء التي كتب لها البقاء فتحتوى على وصف مفصل لشمال إفريقيا ولسكان منطقة بحر قزوين. ولقد استفاد من هذا الكتاب عدد كبير من الجغرافيين أمثال ياقوت والدمشقي وغيرهما. وأما الكتاب الثاني وهو"معجم ما استعجم" فقد أتى على صورة معجم جغرافي شامل رتَّب فيه البلدان وعالجها حسب ترتيبها الأبجدي، وقد كانت فكرة المعاجم مألوفة قبل عهد البكري ولكنها فقدت أهميتها مع مرور الزمن. ولما كتب البكري معجمه اعتبر أنه تجديد في ميدان علم الجغرافيا، ولم يتناول معجم البكري الكلام عن معلومات جغرافية فقط، ولكنه تكلم بالإِضافة إليها عن موضوعات متعددة. فمثلاً عند كلامه عن جزيرة العرب تعرض لأسماء الأماكن التي وردت في القرآن الكريم والحديث والشعر الجاهلي والقصص البطولة وأخبار الغزو. ثم تكلم عن حدود الجزيرة ومناطقها وأقاليمها كالحجاز وتهامة واليمن. وبعد ذلك انتقل الحديث عن القبائل العربية في بلاد العرب وهجرتها المختلفة، ولقد اعتبر هذا الكتاب كمرجع فريد من نوعه في معالجته لموضوعات مهمة مثل الجغرافيا والتاريخ العربي القديم والشعر الجاهلي. الإِدريسي (493هـ ـ 560هـ)  نسبه ونشأته:
هو محمد بن عبد الله بن إدريس الذي ولد في بلدة سبتة سنة 493هـ ـ 1100م .ويرجع نسب الإِدريسي إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ولذلك فإنه يعرف بالشريف الإدريسي. ونشأ وترعرع وتلقى علومه في بلاد الأندلس. وكانت قرطبة آنذاك مركزاً ثقافيا مهماً يؤمها طلاب العلوم المختلفة من مشارق الأرض ومغاربها. عرف بحبه للأسفار، وقرضه للشعر، وشغف بعلم الجغرافيا والأدب. وتمكن من زيارة عدة أماكن وهو لم يتعد السادسة عشرة من عمره ولقد ذكر في كتابه أنه زار لشبونة حاضرة البرتغال وسواحل كل من فرنسا وبريطانيا بالإِضافة إلى آسيا الصغرى وبعض البلاد الأخرى.
أعماله الجغرافية: غادر الإِدريسي في عام 1138م، بطريق البحر ليقوم برحلة لم يعرف عنها الكثير وانتهى به المقام في مدينة بالرمو
Palermo الواقعة في شمال جزيرة صقلية عاصمة مملكة النورمان آنذاك. وعاش في بلاط ملك الجزيرة روجر الثاني ردحاً من الزمن بناء على دعوة منه. استفاد الإِدريسي من تشجيع روجر له واستغل كل الإِمكانات والتسهيلات التي وفَّرها له ذلك الملك، فألَّف كتابه "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق" الذي احتوى معلومات قيمة جمع معظمها بنفسه.
ولقد ضمَّنه معلومات جديدة عن أماكن متفرقة لم تكن متوافرة لدى غيره في تلك الأيام. بالإِضافة إلى ذلك الكتاب القيم، قام الإِدريسي برسم خريطة للعالم (شكل 6) رسمت ثم حفرت على كرة من الفضة بلغت زنتها أربعمائة رطل رومي (الرطل الرومي=112 درهم). ولقد قسّم الإِدريسي خريطة العالم إلى سبعة أقاليم متخذاً دوائر العرض كأساس لتقسيمه. ومن المعروف أن الكرة الفضية وهي الأكثر مقاومة قد فقدت بينما بقيت الخرائط الورقية وكتابه المشار إليه
ياقوت الحموي (575هـ ـ 627 هـ)  نسبه ونشأته:
 ولد شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي عام (575هـ ـ 1179م) في بلاد الروم، وقد كان في الأصل رقيقاً لتاجر حموي المولد، استوطن بغداد، فنسب ياقوت إليه. وقد عمل سيده على تعليمه القراءة والكتابة لكي يستفيد منه في إدارة أعماله التجارية ولكي يرفع من مستواه الاجتماعي. وكان ياقوت يرافق التاجر الحموي في أسفاره ورحلاته التجارية وقد أعتقه سيده قبل وفاته فانصرف إلى طلب العلم وهجر التجارة واستقر في بغداد.
أعماله الجغرافية: كتب ياقوت بالتفصيل بطريقة علمية أساسها المشاهدة والتجربة عن معظم الظاهرات الجغرافية التي كتب عنها، ولذا نجد أن تعليلاته وتفسيراته لتلك الظاهرات قد جاءت في منتهى البراعة والإِتقان.
استفاد ياقوت من رحلاته التجارية وألَّف كتاباً جغرافياً هو
"معجم البلدان" الذي يعتبر من أكثر الكتب الجغرافية القديمة استعمالاً في الوقت الحاضر.
بدأ ياقوت معجمه بمقدمة تكلم فيها عن موضوعات مختلفة وعلى رأسها الجغرافيا ذاكراً في تلك المقدمة أسماء وبعض أعمال الجغرافيين الذين سبقوه. وفي نهاية مقدمته أعطى تحليلاً وشرحاً كافياً لمعجمه ووضح منهجه في التأليف وعارض فكرة الإِيجاز في الكتابة.
وجاء بعد المقدمة بخمسة أبواب يمكن اعتبارها كمدخل إلى علم الجغرافيا تكلم فيها عن: 1- النظريات الجغرافية التي عالجت شكل الأرض معتبراً الأرض كروية في شكلها وتتجاذبها أطراف الفلك من كل النواحي كالمغناطيس تماماً
2- تقسيم العالم إلى سبعة أقاليم على أساس البروج الأثنى عشر والأقطار الواقعة تحت تأثيرها. كما قسَّم النصف الشمالي من الكرة الأرضية إلى سبعة أقاليم وفقاً لدوائر العرض
3- خطوط الطول ودوائر العرض وبعض المصطلحات الجغرافية الفلكية.
4- وصف وتصنيف للبلدان التي فتحها المسلمون بالإِضافة إلى أخبار البلدان الأخرى وكيفية توزيع الممالك المختلفة.
وبعد هذا بدأ ياقوت في سرد مادة معجمه مرتبا لبلدان حسب ترتيبها الأبجدي بطريقة منظمة تستحق الإِعجاب والتقدير.
ولقد رأى عند ذكر الأسماء أن يذكر الألفاظ المختلفة لاسم المكان محاولاً تفسير تسمية المكان من واقع اللغة العربية. وكان يعارض بشدة فكرة وجود أصل غير عربي للاسم إلا في حالات نادرة.
وكان ياقوت في أغلب الأحيان بعد ذكر أي مكان في معجمه يحدد موقعه حسب خطوط الطول ودوائر العرض، والبرج الذي يقع تحته ذلك المكان. كما أنه كان يتعرض إلى الكلام عن نشأة المكان وأهمية موقعه وموضعه، ثم يسرد تواريخ من سكنوه وأخبارهم وسيرتهم وكأنه بذلك يتكلم في أمور هي من صلب الجغرافيا التاريخية. وعندما كان يتكلم عن المدن فإنه غالباً ما كان يعطي وصفاً دقيقاً لكل منها حيث يصف نظام شوارعها وطرز مبانيها وأشكال وتعداد قلاعها وموانئها، بالإِضافة إلى ما تقدم فإنه لم يفت ياقوت أن يصف عادات وطباع سكان المدن والقبائل وأن يذكر بعض عجائب وغرائب البلاد النائية.
ابن ماجد نسبه ونشأته:
 ولد شهاب الدين أحمد بن ماجد السعدي النجدي في جلفار على الساحل الغربي من خليج عمان في القرن الخامس عشر الميلادي ولا يعرف شيء بالتحديد عن تاريخ ميلاده ولا عن زمن وفاته، وكل ما عرف عنه أنه انحدر من أسرة نجدية عرف أفرادها بولعهم الشديد وتخصصهم في قيادة السفن وركوب البحر. كان أبو وجده من خيرة قباطنة البحار الذين أسهموا في توسعة مجال العلوم الجغرافية البحرية. ونظراً لعلم ابن ماجد وخبرته في الأمور البحرية فإننا نجده يمنح نفسه ألقاباً مثل "المعلم العربي"، و"أسد البحار" و"خلف الليوث" وغيرها من الألقاب. أعماله الجغرافية: بالرغم من أن الجغرافيا البحرية قد كتب عنها بعض العلماء المسلمين مثل البتاني والبيروني إلا أن خبرة ابن ماجد البحرية التي أكتسبها من أسفاره البحرية المتعددة قد أضافت معلومات جديدة إلى علم البحار، هذه المعلومات استفاد منها البحارة والمكتشفون الغربيون أكثر من سواهم وذلك في كشوفاتهم الجغرافية في الشرق والغرب.
استفاد ابن ماجد من خبرات كل من جده وأبيه وما خلَّفاه له من تراث في الجغرافيا البحرية بالإِضافة إلى كتابات الجغرافيين الآخرين الذين سبقوه في الكتابة في هذا الفرع من الجغرافيا. وأضاف ابن ماجد لتلك المعلومات الكثير من الإِضافات العلمية بفضل أبحاثه المستمرة وأسفاره البحرية المتواصلة، وترك مجموعة ضخمة من مؤلفاته بعضها أصابه التلف أو الضياع، وبعضها لحسن الحظ قد كتب لها البقاء والاستفادة منه. ومعظم تلك المؤلفات كتبت شعراً مع المنهج التذكيري الذي كان سائداً في عصره ومن أشهر مؤلفات ابن ماجد كتاب "الفوائد في أصول علم البحر والقواعد" الذي كتبه نثراً.
ويحتوي هذا الكتاب على اثنى عشر جزءاً أطلق على كل منها اسم "فائدة" تكلَّم في الجزء الأولى منه عن تاريخ نشأة وتطور الملاحة والإِبرة المغناطيسية، وفي الجزء الثاني سرد الشروط التي يجب أن تتوافر للقبطان الأصيل من حيث الإِلمام بالمسائل البحرية. ومن ضمن ما تعرض له في الأجزاء الأخرى منازل القمر ودورة الرياح والطرق البحرية والأرصاد الفلكية وسواحل الجزيرة العربية. وأخيراً يختتم كتابه بوصف دقيق لبحر القلزم (البحر الأحمر).
إن ما كتبه ابن ماجد في وصفه للبحر الأحمر وما ذكره عن الرياح الموسمية والرياح المحلية قد كوَّنت قاعدة عظيمة ارتكز عليها من أتى بعده ممن كانت لديهم هواية أو صارت لهم دراية في علوم البحار. ولقد كان وصف ابن ماجد لطرق الملاحة الساحلية في غاية من الدقة ولذلك فإنه لا عجب أن نرى أراجيزه كانت بمثابة خرائط بحرية له ولغيره من الملاحين.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق